ما أن يبدأ ربيع عمر الفتاة العربية، حتى تبدأ أحلامها وخيالها ــ نصفها أو كلها بعيدة الآمال أوالتحقق؛ منها فارس الأحلام الذي سيأتي على حصان أبيضَ، طويل القامة جميل الهيئة، مستدير الوجه، ملون العينين ـ من غير عدسات صناعية، مثقف وقوي البأس باسل شجاع. وهناك صفات أخرى لا أعلمها تحتفظ الفتاة بها لنفسها..
وتمر الأيام وربما السنون، يأتي فارس الأحلام بالمواصفات، لكنها ناقصة عما كانت تتخيل أو تتوقع، وبسبب أو من غير سبب توافق الفتاة على هذا الزواج، وتشاء مشيئة الله أن يتزوجا، ويعيشا بعد حفلة زواج ومراسيم وتجهيزات وتكاليف وما أدراك ما تكاليف، ما أنزل الله بها من سلطان محكومة لعادات اجتماعية واهية، يدخلان في اليوم الأول من شهر أُتفق أن يسموه شهر (عسل)، وقد سألت ما معنى شهر عسل؟ فلم أستمع إجابة شافية من أحد، إلا أن العسل حلو وشهر العسل حلو، وأن هذا الزواج الجديد مثل القمر البدر الكامل الذي يتضاءل حتى يصل إلى منزلة المحاق فيختفي تماما، ومثل العاطفة، تبدأ كبيرة وبعد الزواج، تتضاءل نتيجة لضغوط الحياة والمشاكل التي قد يقابلها الزوجان. ونادرا أن يمضي الشهر الأول من غير مشكلات، وهناك حالات كثيرة لم يصل الزوجان فيه إلى نصفه أو ربعه، وينتهي كما تنطفئ شمعة احتفالات الميلاد أو يوم الزواج المزيف، ثم بعدها يبدأ المحاق الدائم !!
بعد انقضاء فترة العسل، تبدأ مرحلة الزعل من الحياة الجديدة ـ المحاق ـ التي اكتشفت وهمَ فارس الأحلام، ولكنها حقا التقت بفارس القتال، لأن الرجال مع الأسف تزوجوا معتقدين أنهم احتلوا أو استحوذوا قطعة من البشر، تلك الإنسانة يتحكمون بها وكأنها مخلوق على شكل إنسانة فقط، لكنها من فئة (صم بكم عمي)، أو بالأحرى يجب أن تكون هكذا، عليها أن لا تناقش، وتنصاع لأوامر الرجل، لأن الأمر بيده فقط ، وإذا ما اعترضت على شيء، فهي الزوجة الناشز..
كانت تعتقد أنها وزوجها سيكونان وجهين لعملة واحدة، أو كفين متطابقين، لا فرق بينهما، لكن الأمور بدأت من أول يوم، تلاشى العسل فيه وانتهى، ولم يبق إلا الأسئلة والاستجوابات التي تُسأل عنها، وكأنها في قاعة محكمة يمنع فيها المناقشة، وتستمع لأقبح وأشنع المسبات والشتائم التي لم تسمع مثلها من قبل، فضلا عن أمور بينية، تكون سببا مهما في الخلاص..بعدها تأخذ الزوجة تفكر كيف تخرج من المأزق (مستنقع الزواج)، فتدفع بالغالي والنفيس، كي تتحرر من هذا الاستعمار والاستعباد الذي عاشته.
وتمضي السنون، وتفرح عند تناولها صك الخلاص وهو صك الطلاق!! علما بأنه أبغض الحلال عند الله ! بعدها تفكر أن ترتاح طويلا وكـأنها تخلصت من حمل ثقيل أزاحته عن ظهرها. لكن أنياب البشر لم تتركها، فتأخذ بنهشها من كل حدب وصوب، فهي لم تسعد في زواجها ولم تسعد بطلاقها. فهم لم يدعوها وشأنها كي تعيش مُرَّ حياتها. ثم بعد ذلك تأخذ قرارا، أن لا تخرج من مسكنها... ومثلها الآلاف لا بل عشرات الآلاف..
تلك هي حياة المطلقة في بلادنا العربية، لا احترام لها، ولو أنها في قبرها سيلوك الناس بعرضها، ويحيطون بها بالتهمة تلو التهمة، نسوا أو تناسوا قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
"اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا هُنَّ قَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ وَالسِّحْرُ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ".
دعوا المطلقة تعيش حياتها بسعادة، لا تجرأوا على غيبتها، ألم تقرأوا قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ)...
طلاقها ليس عارا عليها، إنما تمردا على القهر وظلم الشريك واستبداده، كثيرات أمثالها يعشن هذه الحياة متقوقعات على أنفسهن، يلبسن ثوب الخجل والحياء، يؤثرن على أنفسهن قبول الذل والقهر على الطلاق، هروبا من ألْسِنة البشر، لأنهن رضعن حليبا مشبعا بقبول طأطأة الرأس ــ حتى لا يخرب البيت ــ ثم إنجاب جيل يخجل المطالبة بأبسط الحقوق، وبعدها يستمرئ كل شيء...
د. إبراهيم نمراوي
- 03/12/2025 برئاسة سمو ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2026م
- 03/12/2025 سمو ولي العهد يستقبل أصحاب السمو الأمراء والفضيلة العلماء والمعالي وجمعًا من المواطنين
- 25/11/2025 مركز الملك سلمان للإغاثة يسلّم جمعية كفاءة للتشغيل والصيانة شهادة الموافقة الأولية للعمل خارج المملكة
- 22/11/2025 نيابةً عن سمو ولي العهد.. سمو وزير الخارجية يترأس وفد المملكة في افتتاح قمة دول مجموعة العشرين
- 20/11/2025 محافظ عفيف يستقبل ابن صلاح رئيس جمعية تحفيظ القرآن ويطلع على خطة العمل
- 20/11/2025 البيان الصحفي في ختام زيارة سمو ولي العهد للولايات المتحدة الأمريكية
- 19/11/2025 بيان مشترك بمناسبة توقيع وثيقة الشراكة الإستراتيجية للذكاء الاصطناعي بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية
- 18/11/2025 تمكين ذوي الإعاقة محور شراكة استراتيجية بين نادي عفيف ومركز التمكين الشامل للرعاية النهارية
- 12/11/2025 محافظ عفيف يترأس اجتماع المجلس المحلي لمناقشة المشاريع التنموية واحتياجات الأهالي
- 12/11/2025 الخبر تحتضن بطولة رحالة لنخبة المملكة 2025 للهوكي على الصالة الرياضية بنادي الاتفاق
المقالات > المطلقات وأنياب البشر
المطلقات وأنياب البشر
(0)
(0)وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://www.afifnp.com/?articles=%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a3%d9%86%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d8%b4%d8%b1

